.
.يبدو أن قرار افتتاح السينما في السعودية بات وشيكاً بعد أن تصاعدت في الآونة الأخيرة المطالبات بتنفيذ هذا المطلب، الذي تأخر كثيراً، كما يرى الكثير من السعوديين.
وبحسب التوقعات، فإن السعودية تتجه إلى تنفيذ قرار السماح للسينما قريباً مع تزايد القبول الشعبي بوجودها، وتضاؤل نسبة المعارضة حتى داخل رجال الدين أنفسهم، حيث يظهر رجال الدين الأكثر عصرية وشعبية الآن قبولاً لفكرة افتتاح السينما.
ومع أن مثل هذه التوقعات بمنع السينما قد لقيت ضربة قوية، بعد منع مهرجان جدة السينمائي، إلا أنها نهضت من جديد بسبب الرغبة الشعبية الكبيرة التي باتت تؤيد افتتاح دور للسينما كأحد المطالب المهمة.
وبحسب تقرير نشرته مؤخراً جريدة "الرياض" السعودية بعنوان "دور السينما.. الأغلبية ينتظرون قرار السماح من الأقلية"، وبحسب التقرير فقد: "طالبت الغالبية بسرعة إنشاء دور للسينما بضوابط محددة، وتوسيع انتشارها لتشمل جميع مناطق المملكة، بما يساعد الشباب والأسر على قضاء أوقات فراغهم، وبما يتيح أيضاً لرجال الأعمال الاستثمار في هذه الدور وخلق فرص عمل جديدة".
وعلى عكس ما يعتقد من يعيشون خارج السعودية، فإن المواطنين السعوديين يمارسون طقوس السينما بشكل شبه كامل من متابعة الأفلام الجديدة ونجوم السينما، إلى فتح نقاشات ممتعة حول أفضل الأفلام. وبحسب ما يقول عبد العزيز الخلف "فإنه وأصدقاءه بشكل أسبوعي تقريباً يشاهدون أحدث الأفلام الجديدة" ويضيف: "ما ينقص السعودية ليس السينما ولكن دور العرض فقط".
ويوجد في السعودية الآن عدد من دور السينما المجهزة، والتي استضافت بعض المهرجانات السينمائية، وشهدت العام الماضي عرض أول فيلم سعودي لاقى إقبالاً جماهيرياً كبيراً.
في الواقع أن السينما التي تعتبر واحدة من أكثر القضايا شعبية، مثل قيادة المرأة للسيارة، هي أقرب للتحقق الآن من أي وقت آخر، فبعد سنوات من جرعات الانفتاح التي هضمها الإنسان السعودي خلال السنوات الماضية، وبعد صعود الثقافة التعددية في حرية الرأي، وتراجع قوة تيار الصحوة، تحولت قضية السينما إلى واحدة من أكثر القضايا التي يطالب بتحقيقها على أرض الواقع.
يقول أحد المعلقين لـ "السياسي": "يمكن جعل السينما مقياساً للتحولات التي مر بها السعوديون. في السابق يعتبر من يطالب بها منحلاً وفاسقاً ومن يعارضها خيّراً وملتزماً، والآن من يطالب بها يعد محقاً ومصيباً ومن يعارضها يعتبر متشدداً ومنغلقاً".
اعتمد التيار المعارض للسينما، خلال العقود الماضية، على اعتبار السينما وسيلة للفساد الأخلاقي، وبدا هذا التبرير مقنعاً عند مجتمع لم تتشكل به ثقافة سينمائية، كما يمكن أن يلاحظ المرء في الأجيال السعودية الصاعدة التي لا تكتفي بالالتقاء صدفة بما يعرض على الشاشات، ولكن البحث وفهم السينما كفن رفيع وعظيم. ولهذا فإن سوق ذات الأعذار القديمة عن كون السينما مفسدة أخلاقية لم يعد مقنعاً، وتحول إلى علامة ليس على مدى تشدد التيارات المعارضة، ولكن على مدى سطحيتها وجهلها.
ومن المتوقع أن يكون عام 2010 هو العام الذي سيشهد افتتاح دور للسينما لأول مرة.